إسرائيل تُعلن الحرب على الوجود الفلسطينيّ داخل الخّط الأخضر ونتنياهو يأمر بتكثيف هدم البيوت العربيّة “غير المُرخصة” وعددها 80 ألفًا
يمنات
في خطوةٍ تصعيديّةٍ خطيرةٍ تستهدف فلسطينيي الداخل، وعددهم في الدولة العبريّة وصل إلى حوالي مليون ونصل المليون، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، توصياته بتكثيف عمليّات الهدم ضدّ المنازل في القرى العربيّة داخل الخّط الأخضر، وذلك ردًا على قرار المحكمة العليا إخلاء مستوطنة “عمونة” غير القانونيّة في الضفّة الغربيّة المُحتلّة.
ومن الأهميّة بمكان الإشارة إلى أنّ الحديث يدور عن كمٍّ كبيرٍ من البيوت المهددة بالهدم، والتي تعتبرها إسرائيل بيوتًا غير شرعية، والتي قّدرتها وزارة الداخلية الإسرائيليّة بحوالي 42 ألف بيت في الوسط العربيّ في النقب وحده، علمًا أنّ هذه البيوت تأوي حوالي 85 ألف نسمة من العرب.
ووفقًا لمخطط المدن، د. يوسف جبارين، وهو أستاذ كبير في كليّة الهندسة التابعة لمعهد الهندسة التطبيقيّة (التخنيون) في حيفا، فإنّ الخطّة الإسرائيليّة لحكومة نتنياهو تهدف إلى السيطرة المطلقة على البلدات العربيّة ومنع نموّها وتوسيعها. بالإضافة إلى هدم أكثر من 80 ألف بيت عربي مصنّفة بحسب التعريف الإسرائيليّ، على أنّها غير مرخصة.
من ناحيته أوضح د. ثابت أبو راس، مدير مشروع مركز “عدالة” في النقب، أنّ ما يحدث في النقب هو عملية ترانسفير ممنهجة مشتركة بها كافة أذرع المؤسسة الإسرائيلية. وأشار إلى أنّ إسرائيل الدولة الوحيدة عالميًا والتي تدعي الديمقراطية فيما تملك 93 بالمائة من أراضيها، وتفتقر بصورةٍ خاصّةٍ إلى ما يُسّمى بالسوق الحر في الأراضي. وتطرق أيضًا إلى معنى الأرض في الصراع الفلسطينيّ-الإسرائيليّ، موضحًا أنّه يحمل البعد القوميّ، فيما تحمل بعدًا اقتصاديًا في أيّ مجتمع آخر، بحسب أقواله.
هذا وفي ردّها على توصيات نتنياهو صرّحت النائبة العربيّة في الكنيست الإسرائيليّ، عايدة توما-سليمان (الجبهة – القائمة المشتركة)، صرّحت بأنّ محاولات المقارنة بين قطعان اللصوص من المستوطنين وبين المواطنين العرب مرفوضة رفضًا تامًّا وأضافت: أنّ توصيات نتنياهو الأخيرة تعكس العقليّة الانتقاميّة التي تميّز حكومة اليمين المتطرّف في إسرائيل. المواطنون العرب في إسرائيل يقومون ببناء منازلهم على أراضيهم الخاصّة التي ورثوها على مدى أجيال، بخلاف قطعان المستوطنين الذين استولوا على أراضٍ فلسطينيّة خاصّة وأقاموا مستوطناتهم عليها.
هذا وشددت توما-سليمان على أنّ النقاش الدائر اليوم حول البناء غير المرخّص لهو استمرار للنهج الحكوميّ التحريضيّ الذي يسعى إلى وضع العرب في قفص الاتهام متجاهلين بذلك القضيّة المركزيّة، وأضافت: تصوير العرب على أنّهم مخالفون للقانون هي محاولة لإخفاء أصل المشكلة والمسؤول عنها، إذْ تتحمّل حكومات إسرائيل المتعاقبة وحدها المسؤوليّة عن الوضع القائم، تلك الحكومات التي ترفض إقرار الخرائط الهيكليّة في القرى والبلدان العربيّة بخطوات إجحافيّةٍ عنصريّةٍ ممنهجةٍ تعكس عقليّتها التي ترى بالمواطنين العرب كأعداء.
وخلُصت النائبة توما-سليمان إلى القول: يأتي هذا القرار إرضاءً لعصابات اليمين الفاشي التي تشرعن الاستيلاء على أراضي فلسطينيّة خاصّة خدمة للمشروع التوسّعيّ الاستيطانيّ، على حدّ تعبيرها.
ولا يوجد أدنى شكّ بأنّ الحكومة الإسرائيليّة العنصريّة بقيادة بنيامين نتنياهو، تعمل كلّ ما في وسعها من أجل تصعيد المواجهة مع فلسطينيي الداخل، ولا تتورّع عن اتهّامهم بشتى التهم من أجل تنفيذ سياسة الإقصاء والنفي، وتضييق الحيّز، الضيّق أصلاً على أكثر من مليون ونصف المليون فلسطينيّ، الذين يعيشون داخل ما يُطلق عليه الخّط الأخضر.
فعلى سبيل الذكر لا الحصر، يتبوأ عرب الـ48 المرتبة الأولى في نسبة البطالة، كما أنّهم يحتلّون المكان الأوّل في نسبة الفقر في إسرائيل، بحسب الإحصائيات الرسميّة، التي نشرتها مؤخرًا مؤسسة التأمين الوطنيّ الإسرائيليّة.
وغن عن القول إنّ الخاصرة الضعيفة لفلسطينيي الداخل تكمن في البيوت غير المرخصّة، إذْ أنّ المحاكم الإسرائيليّة تقوم بفرض الغرامات الماليّة الباهظة جدًا على أصحاب هذه المنازل، كما تُلزمهم بأنْ يهدموا بيوتهم بأنفسهم، وعندما يرفضون تقوم الشرطة الإسرائيليّة، بمُرافقة الجرافات، باقتحام البلدات العربيّة لهدم البيوت، الأمر الذي يؤدّي في أغلب الأحيان إلى اندلاع مواجهات بين الشرطة وبين السكّان الفلسطينيين.
المصدر: رأي اليوم